جاري التحميل الآن

المغرب يحقق رقمًا قياسيًا في تصدير الأفوكادو سنة 2024: أكثر من 56 ألف طن وعائدات تفوق 1.75 مليار درهم

في سابقة من نوعها، ورغم التحديات المناخية الصعبة التي يمر بها القطاع الفلاحي بالمغرب، سجّلت صادرات فاكهة الأفوكادو المغربية رقمًا قياسيًا غير مسبوق خلال موسم 2024، حيث تجاوزت 56 ألف طن، محققة عائدات مالية بلغت حوالي 1.75 مليار درهم (أي ما يعادل 179 مليون دولار أمريكي).

قفزة نوعية في ظل الأزمة المناخية

تأتي هذه القفزة في صادرات الأفوكادو المغربية في وقت يعيش فيه المغرب واحدة من أصعب الفترات المناخية، حيث شهدت البلاد سنوات متتالية من الجفاف ونقص التساقطات، مما أثر على عدة سلاسل إنتاج فلاحية تقليدية مثل الحبوب والخضروات وبعض أنواع الفواكه.

غير أن قطاع زراعة الأفوكادو في المغرب استطاع أن يبرز كبديل واعد، مستفيدًا من الخصائص المناخية للمناطق الساحلية وخاصة سواحل الغرب والشمال التي توفر بيئة مناسبة لإنتاج هذه الفاكهة ذات الطلب العالمي المتزايد.

الطلب الدولي يفتح آفاقًا جديدة للفلاح المغربي

وتعرف فاكهة الأفوكادو طلبًا متزايدًا في الأسواق الأوروبية والأمريكية، بفضل قيمتها الغذائية العالية وكونها مكونًا أساسيًا في الأنظمة الغذائية الصحية. وقد استفادت المملكة من هذا الطلب، لتتمكن من توسيع حضورها في الأسواق العالمية، لا سيما فرنسا، وهولندا، وألمانيا، وإسبانيا، بالإضافة إلى محاولات لاختراق أسواق الخليج وأفريقيا جنوب الصحراء.

تطور المساحات المزروعة بالأفوكادو

في السنوات الأخيرة، ارتفعت المساحات المخصصة لزراعة الأفوكادو في المغرب، حيث يتمركز الإنتاج أساسًا في مناطق مثل العرائش، والقنيطرة، وسيدي سليمان، وتطوان. وتتميز هذه المناطق بتربتها الغنية، ومناخها الرطب نسبيًا، وتوفر الموارد المائية عبر السقي بالتنقيط، ما يعزز من إنتاجية الأشجار وجودة الثمار.

الاستثمار في الفلاحة المستدامة

يرتبط هذا النجاح أيضًا بتوجه المغرب نحو الزراعة المستدامة، حيث تم إدماج تقنيات حديثة في تدبير المياه، وتحسين جودة التربة، واعتماد أنظمة رقمية لمراقبة الإنتاج. كما ساهمت برامج الدعم الفلاحي في تمكين صغار الفلاحين من الانخراط في هذا التحول، ما عزّز من تنافسية المنتجات الفلاحية المغربية في الأسواق العالمية.

التصدير: قيمة مضافة للاقتصاد الوطني

وفقًا للبيانات الرسمية، فإن عائدات تصدير الأفوكادو تجاوزت سقف التوقعات، لتصل إلى 1.75 مليار درهم، وهو رقم يعكس أهمية هذا القطاع كمصدر دخل مهم للاقتصاد الوطني، ويمنح الفلاحة المغربية دفعة جديدة نحو التحول من الإنتاج المحلي إلى التوجه نحو الفلاحة التصديرية عالية القيمة.

رؤية مستقبلية في ظل التغير المناخي

يؤكد خبراء في المجال الزراعي أن المغرب مطالب بمواصلة استراتيجياته لتطوير المنتوجات الفلاحية ذات القيمة العالية، مع التركيز على الفواكه التي تتحمل الجفاف وتستهلك كميات أقل من الماء، كالأفوكادو والتين والصبار. ويأتي ذلك في إطار التكيّف مع التغيرات المناخية التي أصبحت واقعًا يوميًا يفرض تحولات بنيوية في السياسات الفلاحية.

التحديات مستمرة، لكن المغرب مستعد

رغم هذا النجاح البارز، تبقى تحديات الموارد المائية، وتقلّب المناخ، وتداعيات ارتفاع تكاليف الإنتاج، من بين العراقيل التي يجب التعامل معها بحكمة. لذلك، فإن تعزيز البحث الزراعي، وتطوير سلاسل القيمة، وتحسين شروط التصدير، تمثل أولويات المرحلة المقبلة لضمان استدامة هذا النمو.

الابتكار والتكوين: مفاتيح النجاح

لم يكن هذا الإنجاز ليتحقق دون جهود متكاملة بين الدولة، والفلاحين، والفاعلين الاقتصاديين، ومراكز البحث، ومؤسسات التكوين الفلاحي، التي ساهمت في تأهيل اليد العاملة وتبني تقنيات حديثة، مما جعل من زراعة الأفوكادو في المغرب قصة نجاح إقليمية ودولية.

يمثل الإنجاز المغربي في تصدير الأفوكادو سنة 2024 خطوة فارقة في مسار تحديث الفلاحة الوطنية، ويمهّد الطريق أمام نموذج زراعي جديد قادر على مواجهة التغيرات المناخية وتلبية حاجيات الأسواق العالمية. وتبرز هذه النتيجة أيضًا كدليل على قدرة الفلاحة المغربية على التجديد والابتكار، مما يعزّز مكانة المملكة كمصدر موثوق للمنتجات الزراعية ذات الجودة العالية.

إرسال التعليق