المغرب يحقق 238 مليون دولار من صادرات البصل الطازج موسم 2024-2025 | نجاح الفلاحة المغربية في تعزيز الاقتصاد الفلاحي
عرفت صادرات البصل المغربي خلال موسم 2024-2025 تطوراً ملحوظاً حيث بلغت قيمتها حوالي 238 مليون دولار، وهو رقم يعكس المكانة التي أصبح يحتلها البصل الطازج المغربي في الأسواق الدولية، ويؤكد مرة أخرى الدور المتنامي للمنتجات الفلاحية المغربية في دعم الاقتصاد الوطني. ويعتبر البصل من الخضر الأساسية في المائدة المغربية والعالمية، غير أن أهميته تتجاوز الاستهلاك المحلي لتصل إلى كونه رافعة اقتصادية في مجال التصدير الفلاحي المغربي.
هذا الارتفاع في حجم الصادرات لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة جهود مبذولة ضمن استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 التي وضعتها وزارة الفلاحة بهدف تحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الفلاح المغربي، حيث اعتمدت هذه الاستراتيجية على تحديث أساليب الزراعة وتوسيع قنوات التسويق الخارجي، مما مكن المغرب من ولوج أسواق جديدة في أوروبا وإفريقيا وآسيا.
وقد شملت صادرات البصل المغربي دولاً تقليدية مثل إسبانيا، فرنسا، هولندا، ألمانيا، وإنجلترا، إضافة إلى أسواق ناشئة في الخليج وإفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يعكس قدرة المغرب على تنويع زبنائه التجاريين وضمان استقرار عائداته الزراعية. ويأتي هذا النجاح في ظرفية يعرف فيها السوق العالمي تقلبات كبيرة نتيجة التغيرات المناخية التي أثرت على الإنتاج في عدد من الدول، وهو ما منح المغرب ميزة تنافسية بفضل التزامه بمعايير الجودة والسلامة الغذائية.
تساهم صادرات البصل المغربي بشكل مباشر في تعزيز الميزان التجاري الزراعي، حيث توفر مداخيل بالعملة الصعبة وتدعم احتياطي النقد الأجنبي، كما تساهم في خلق فرص شغل على طول سلسلة القيمة ابتداءً من الزراعة والجني وصولاً إلى التعبئة والتغليف والتصدير، مما ينعكس إيجاباً على الدخل الفلاحي لآلاف المزارعين خصوصاً في مناطق الإنتاج الرئيسية كسوس-ماسة، سايس، دكالة وتادلة.
ويعمل الفلاح المغربي اليوم على الاعتماد على أنظمة ري حديثة كالتنقيط لترشيد استهلاك المياه في ظل ندرة الموارد المائية، وهو ما يجعل البصل المغربي منتجاً مستداماً يحترم التوازن البيئي. كما تلعب التعاونيات والجمعيات الفلاحية دوراً محورياً في تأطير الفلاحين وتطوير معارفهم التقنية، بما ينسجم مع أهداف الزراعة المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي.
من جهة أخرى، لم يعد المغرب يقتصر على صادراته التقليدية مثل الطماطم والحوامض فقط، بل أصبح يعمل على تنويع المنتجات الموجهة للتصدير عبر تعزيز إنتاج وتصدير البصل، البطاطس، البطيخ الأحمر، الأفوكادو والفواكه الحمراء، وهو ما يحصن الاقتصاد الوطني من تقلبات السوق العالمية ويضمن مداخيل أكثر استقراراً.
ويرى الخبراء أن ما حققه البصل المغربي من رقم معاملات يقدر بـ 238 مليون دولار يعكس ثقة المستوردين الدوليين في جودة المنتوج المغربي، كما يؤكد على نجاح الاستراتيجيات الفلاحية التي تسعى لجعل المغرب من بين أبرز الفاعلين في السوق الزراعية الدولية. كما أن هذا الأداء يعزز صورة المغرب كبلد فلاحي بامتياز قادر على الجمع بين الابتكار الزراعي واحترام المعايير البيئية.
ويُتوقع أن يشهد موسم 2025-2026 نمواً إضافياً في حجم صادرات البصل المغربي، بفضل استمرار تطوير البنية التحتية اللوجستية وتحسين قدرات التخزين والتبريد، إلى جانب تشجيع الاستثمارات في المجال الزراعي، حيث أن توفر المغرب على موانئ حديثة وشبكات نقل متطورة يسهل انسياب المنتجات نحو الأسواق العالمية.
إن نجاح صادرات البصل المغربي لم يعد مجرد إنجاز ظرفي، بل أصبح خياراً استراتيجياً يندرج في رؤية شمولية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب في الأسواق الدولية، وضمان استدامة الإنتاج الزراعي، وتوفير فرص عمل ودخل كريم للفلاحين، مما يجعل البصل المغربي ليس فقط مادة غذائية أساسية بل أيضاً رمزاً لنجاح الاقتصاد الفلاحي المغربي وقدرته على مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
إرسال التعليق