المغرب يطور أول خرائط وطنية عالية الدقة للفوسفور والبوتاسيوم باستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الزراعة المستدامة
في خطوة علمية غير مسبوقة على الصعيد الوطني، أعلن فريق بحثي من المعهد الوطني للبحث الزراعي بالمغرب عن إعداد أول خرائط وطنية عالية الدقة لعنصري الفوسفور والبوتاسيوم في الأراضي الزراعية المغربية. ويأتي هذا الإنجاز في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الزراعة المستدامة وتحسين كفاءة استخدام الموارد الزراعية، وخاصة الأسمدة.
وقد اعتمد الباحثون في هذا المشروع على تقنيات النمذجة الرقمية للتربة، مدعومة بخوارزميات التعلم الآلي (Machine Learning)، وذلك لقياس وتحليل مستويات الفوسفور والبوتاسيوم في مختلف المناطق الزراعية بالمملكة. وتمثل هذه الخرائط أداة استراتيجية لدعم المزارعين، وصناع القرار، والباحثين، في وضع خطط تسميد دقيقة وفعالة تتلاءم مع احتياجات كل منطقة.
ونشر الفريق العلمي نتائج هذا العمل في مجلة “ساينتيفيك داتا” التابعة لمجموعة “نيتشر” العالمية، تحت عنوان: “خرائط أساسية عالية الدقة لمغذيات التربة في المغرب لدعم الزراعة المستدامة”. وأكد الباحثون أن هذه الخرائط تمثل نقلة نوعية في فهم التوزيع الجغرافي لمغذيات التربة على مستوى البلاد، وهو ما سيساهم في ترشيد استخدام الأسمدة، وخفض التكاليف، والحد من التأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن الإفراط في التسميد.
أهمية الفوسفور والبوتاسيوم في الإنتاج الزراعي
يُعد الفوسفور والبوتاسيوم من العناصر الغذائية الأساسية لنمو النباتات وإنتاجية المحاصيل. فالفوسفور يلعب دوراً محورياً في عمليات التمثيل الغذائي وانتقال الطاقة داخل النبات، بينما يساهم البوتاسيوم في تحسين جودة الثمار وزيادة مقاومة النباتات للأمراض والجفاف.
في المغرب، يشكل التوزيع غير المتكافئ لهذه المغذيات في التربة تحدياً كبيراً للمزارعين، حيث يؤدي نقص أو زيادة أي عنصر إلى انخفاض الإنتاجية أو زيادة التكاليف. وهنا تأتي أهمية هذه الخرائط التي تتيح تحديد الكميات الدقيقة من الأسمدة المطلوبة لكل منطقة، ما يضمن تحقيق أفضل إنتاجية بأقل تكلفة ممكنة.
التقنيات المستخدمة في إعداد الخرائط
اعتمد الفريق البحثي على دمج بيانات عينات التربة الميدانية مع بيانات الاستشعار عن بعد، بالإضافة إلى استخدام نماذج حاسوبية متطورة مبنية على خوارزميات الذكاء الاصطناعي. هذه النماذج ساعدت على التنبؤ بمستويات الفوسفور والبوتاسيوم في المناطق التي لم يتم أخذ عينات مباشرة منها، مما وفر رؤية شاملة ودقيقة على المستوى الوطني.
انعكاسات المشروع على الزراعة المستدامة
من المتوقع أن تسهم هذه الخرائط في:
رفع كفاءة استخدام الأسمدة، وبالتالي تقليل الفاقد وخفض التكلفة على المزارعين.
تحسين الإنتاجية الزراعية من خلال تلبية الاحتياجات الغذائية الفعلية للمحاصيل.
تقليل التلوث البيئي الناتج عن الإفراط في استخدام الأسمدة الكيميائية.
دعم سياسات الأمن الغذائي من خلال إدارة أكثر فاعلية للموارد الزراعية.
دعم القرارات الزراعية الذكية
ستشكل هذه الخرائط قاعدة بيانات وطنية يمكن دمجها مع تطبيقات الزراعة الرقمية وأنظمة المعلومات الجغرافية (GIS)، مما يتيح للمزارعين الوصول بسهولة إلى توصيات دقيقة تتعلق بالتسميد، وفقاً لموقعهم الجغرافي ونوع المحصول المزروع.
ويؤكد الخبراء أن هذا المشروع يضع المغرب في مصاف الدول الرائدة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في الزراعة، ويعزز توجهه نحو الابتكار العلمي في خدمة التنمية المستدامة.
إرسال التعليق