جاري التحميل الآن

اليوم العالمي لشجرة الأركان: كنز المغرب البيئي والاقتصادي والاجتماعي

تُعد شجرة الأركان (Argania Spinosa) من الكنوز الطبيعية الفريدة التي ينفرد بها المغرب، خصوصًا في مناطقه الواقعة بوسط البلاد مثل الأطلس الصغير، وتحديدًا بجهة سوس ماسة.
تنمو هذه الشجرة في تربة فقيرة وجافة، وتقاوم درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 50 درجة مئوية، مما يجعلها أحد أبرز رموز التكيف البيئي والاستدامة في العالم.

اليوم العالمي لشجرة الأركان: احتفاء عالمي بتراث مغربي

اعتمدت الأمم المتحدة يوم 10 ماي من كل سنة يوماً عالمياً لشجرة الأركان، وذلك ابتداءً من سنة 2021، كاعتراف دولي بأهمية هذه الشجرة الفريدة من نوعها.
هذا اليوم يشكل محطة للاحتفاء بتراث بيئي وثقافي عميق الجذور في المجتمع المغربي، ويُعتبر فرصة لإبراز مساهمة شجرة الأركان في محاربة التصحر، تحسين جودة الهواء، وتمكين النساء من خلال التعاونيات النسائية.
إضافة إلى ذلك، يشجع هذا الحدث على دعم التنمية المستدامة في المناطق الريفية وتعزيز مكانة المغرب في مجال الاقتصاد الأخضر.

شجرة الأركان: الخصائص البيئية

شجرة الأركان ليست فقط شجرة مقاومة للجفاف، بل هي نظام بيئي متكامل.

تتحمل حرارة تتجاوز 50°C

تنمو في تربة فقيرة وصخرية

تُقاوم الجفاف والتصحر

يمكن أن تعيش حتى 200 سنة

تُشكل حاجزًا طبيعيًا ضد زحف الرمال

تُحسن جودة الهواء وتُعزز التنوع البيولوجي في المنطقة

بفضل هذه الخصائص، تمثل الأركان درعًا بيئيًا هامًا في مواجهة التغيرات المناخية في مناطق الجنوب والوسط المغربي.

الأركان والاقتصاد الاجتماعي التضامني

تلعب شجرة الأركان دوراً محورياً في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، خاصة من خلال التعاونيات النسائية المنتشرة في القرى والمناطق الجبلية.
نساء كثيرات وجدن في إنتاج زيت الأركان موردًا أساسياً للدخل، ما يُعزز التمكين الاقتصادي للمرأة القروية ويُساهم في تقليص الفقر والهشاشة.
عملية جمع الثمار، واستخلاص الزيت، وتسويقه، تمر عبر سلاسل محلية تدعم الاقتصاد القروي وتعزز العدالة الاجتماعية.

الذهب السائل: زيت الأركان وقيمته الاقتصادية

يُلقب زيت الأركان بـ“الذهب السائل” نظرًا لفوائده المتعددة واستعمالاته في:

التغذية

التجميل والعناية بالبشرة والشعر

الطب التقليدي والعلاجات الطبيعية

الصناعات الصيدلانية والبيولوجية

يتراوح الإنتاج السنوي بين 10 و30 كلغ من الثمار للشجرة الواحدة، وهو إنتاج محدود مقارنة بالطلب العالمي المتزايد، ما يجعل سعره مرتفعًا في الأسواق الدولية.
زيت الأركان منتج طبيعي 100%، ويُعد من أبرز صادرات المغرب نحو أوروبا وأمريكا وآسيا.

تراث ثقافي وإنساني معترف به دولياً

شجرة الأركان ليست مجرد مورد اقتصادي، بل هي عنصر ثقافي حي في الحياة الأمازيغية المغربية.
تُرافق طقوس جني الثمار والعصر أهازيج وأغاني تقليدية، تُحاكي الطبيعة وتُجسد العلاقة المتينة بين الإنسان والبيئة.
في سنة 2014، صُنفت شجرة الأركان ومجالها ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية من طرف اليونسكو، تأكيداً لأهميتها الاجتماعية والثقافية.
وتعزز هذا الاعتراف بعد إعلان يوم 10 ماي يوماً عالمياً للأركان، ما يمنح المغرب موقعًا مميزًا في الحفاظ على التراث الطبيعي والبيئي.

جهود المغرب في حماية وتثمين مجال الأركان

عمل المغرب على إرساء أسس حماية هذا المورد الوطني من خلال:

إنشاء الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان (ANDZOA)

تطوير التعاونيات المحلية

دعم سلسلة الإنتاج والتسويق

إدماج تقنيات جديدة صديقة للبيئة

تشجيع البحث العلمي في مجال استخدامات الأركان الطبية والتجميلية

جذب استثمارات خضراء مستدامة في سلسلة القيمة

الأركان والتنمية المستدامة

شجرة الأركان هي نموذج مثالي لتحقيق التنمية المستدامة.
فهي توفر فرص شغل، تُمكن النساء، تحافظ على البيئة، وتحفز الإنتاج المحلي، وكل ذلك من دون الإضرار بالنظام البيئي.
من خلال إدماج الأركان في استراتيجية المغرب الأخضر، يسير البلد نحو اقتصاد بيئي متوازن يحترم الإنسان والطبيعة.

شجرة الأركان تمثل أكثر من مجرد نبات:

إنها رمز للاستدامة

قوة اقتصادية ناعمة

تراث إنساني وثقافي

وعنوان لمستقبل أخضر في المغرب والعالم

وبمناسبة اليوم العالمي لشجرة الأركان، يتجدد التأكيد على أهمية الاستثمار في هذه الثروة الوطنية عبر الحفاظ عليها وتثمينها، خدمةً للبيئة، والاقتصاد، والمجتمع.

إرسال التعليق