جاري التحميل الآن

ثورة خضراء في الهند: تقنية مبتكرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من المخلفات الزراعية بتكلفة أقل من 1 دولار/كلغ

الهيدروجين الأخضر يواصل فرض نفسه كوقود المستقبل، والهند اليوم تقدم للعالم نموذجاً ثورياً يغيّر قواعد اللعبة في قطاع الطاقة.
فقد أعلن باحثون هنود عن تطوير تقنية مبتكرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من المخلفات الزراعية بتكلفة تقل عن دولار واحد للكيلوغرام.

هذا التطور العلمي لا يقتصر على إنتاج وقود نظيف فحسب، بل يولّد أيضاً منتجات ثانوية عالية القيمة، مثل:
– الأسمدة العضوية الغنية بالنيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم،
– الفحم الحيوي (Biochar) الذي يستخدم في البناء، التجميل، وحتى الطب.

التقنية أثبتت فعاليتها بشكل كبير مقارنة بالطرق التقليدية.
فبينما لا تتجاوز كفاءة التحويل في الأساليب الحالية 5% إلى 7%، فإن هذه المنهجية الجديدة تصل كفاءتها إلى 12%.

وقد تم اختبار هذه التقنية في منشأة تجريبية بطاقة إنتاجية تصل إلى 500 كلغ يومياً، مع حصولها بالفعل على أربع براءات اختراع تؤكد تفردها وأصالتها.

ما يجعل الابتكار أكثر تميزاً هو أنه خالي تماماً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
فلا حاجة لاستخدام أنظمة احتجاز الكربون المكلفة والمعقدة، الأمر الذي يعزز من الاستدامة البيئية ويخفض التكلفة التشغيلية بشكل كبير.

وعلى العكس من التحليل الكهربائي للمياه الذي يتجاوز اليوم تكلفة إنتاجه 2 دولار/كلغ، تقدم هذه التقنية بديلاً عملياً وفعالاً بتكلفة أقل من النصف.

الهند، التي وضعت هدفاً وطنياً طموحاً يتمثل في إنتاج 5 ملايين طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، تعتبر هذا الابتكار خطوة استراتيجية في تحقيق هذا الهدف.
كما أنه يضعها في مقدمة الدول التي تسعى إلى ريادة سوق الهيدروجين العالمي.

هذا الإنجاز لا يخدم الهند فقط، بل يقدم نموذجاً قابلاً للتطبيق للدول النامية التي تبحث عن حلول مستدامة لمشاكل الطاقة والمخلفات الزراعية.
إذ يمكن تحويل مشكلة النفايات إلى مصدر للطاقة النظيفة، مما يعزز الاقتصاد الدائري ويخلق فرص عمل جديدة في الأرياف.

إلى جانب ذلك، فإن الهيدروجين الأخضر المنتج من هذه التقنية يعزز مسار الهند نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2070.
فهو يساهم في تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويخفض الانبعاثات الضارة، ويعزز مكانة البلاد كقوة صناعية خضراء.

الأسمدة العضوية الناتجة من العملية ستدعم أيضاً القطاع الزراعي في الهند، من خلال توفير بدائل طبيعية للأسمدة الكيميائية المستوردة.
أما الفحم الحيوي (Biochar)، فسيفتح أسواقاً جديدة في قطاعات متعددة، مثل البناء المستدام والصناعات التجميلية والطب الحديث.

التقنية تمثل مثالاً واضحاً على كيفية دمج الابتكار العلمي مع الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية المستدامة.
كما تعكس التزام الهند بتطوير حلول محلية قادرة على المنافسة عالمياً.

المستقبل الذي ترسمه هذه المبادرة هو مستقبل تتراجع فيه تكلفة الهيدروجين الأخضر، ما يجعله بديلاً واقعياً في قطاعات النقل، الصناعة، وإنتاج الكهرباء.
ولذلك ينظر خبراء الطاقة إلى هذا الابتكار كخطوة فارقة قد تغيّر موازين سوق الطاقة العالمي.

الهند تبرهن مرة أخرى أنها ليست فقط أكبر ديمقراطية في العالم، بل أيضاً مركزاً للابتكار في مجال الطاقة النظيفة.
وبينما تواصل الدول الصناعية البحث عن حلول لخفض الانبعاثات، تقدم الهند نموذجاً عملياً وملموساً.

من إعادة تدوير المخلفات الزراعية إلى إنتاج وقود نظيف وآمن، هذه التقنية تجسد شعار:
“من النفايات إلى الطاقة”، وتثبت أن الابتكار قادر على تحويل التحديات إلى فرص.

المستقبل الأخضر إذن يبدأ من الحقول، حيث تتحول بقايا المحاصيل إلى مصدر للطاقة المتجددة.
وهذا الابتكار يفتح الباب أمام عهد جديد من الاستقلال الطاقي والتنمية المستدامة.

إرسال التعليق