جاري التحميل الآن

نيجيريا تعلق صادرات الشيا الخام 6 أشهر: أبوجا تعيد هيكلة سوق الشيا العالمية بقيمة 6.5 مليار دولار

تصدرت نيجيريا عناوين الأخبار الاقتصادية بعد إعلانها قراراً مفاجئاً يقضي بـ تعليق صادرات الشيا الخام لمدة ستة أشهر. هذا القرار جاء في وقت حساس، حيث تسهم نيجيريا وحدها بحوالي 40% من إمدادات الشيا الخام عالمياً، بينما تمثل حصتها السوقية أقل من 1% من سوق الشيا العالمية التي تقدر قيمتها بحوالي 6.5 مليار دولار.

الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو صرح قائلاً: “هذا الخلل سينتهي الآن”، في إشارة واضحة إلى أن نيجيريا لن تقبل بعد اليوم بدور المورّد البسيط للمواد الخام دون الاستفادة من القيمة المضافة التي يحققها قطاع زبدة الشيا عالميًا.

خلفيات القرار

لطالما كانت نيجيريا ضمن أبرز الدول الإفريقية المصدّرة للمواد الخام الزراعية، وعلى رأسها حبوب الشيا. إلا أن قيمة هذه الصادرات لم تنعكس بالشكل الكافي على الاقتصاد المحلي، حيث يتم استيراد الشيا النيجيرية الخام لتصنيع منتجات تجميلية وغذائية في أوروبا وأمريكا وآسيا، قبل أن تُعاد بأسعار مضاعفة إلى الأسواق الإفريقية.

القرار الجديد يهدف إلى كسر هذه الحلقة المفرغة من التبعية التجارية، وإجبار المستثمرين الدوليين على الاستثمار في التصنيع المحلي لزبدة الشيا داخل نيجيريا.

الأبعاد الاقتصادية

تشير التقديرات إلى أن قطاع الشيا العالمي ينمو بوتيرة سريعة، مدفوعاً بالطلب المرتفع على منتجات التجميل الطبيعية والأغذية الصحية. فالشيا تُستخدم في صناعة الكريمات، الزيوت، الشوكولاتة، والمنتجات الطبية.

ومع ذلك، فإن نيجيريا التي توفر 40% من الإمدادات، لم تنجح سوى في حصد أقل من 1% من قيمة السوق العالمية. هذا التفاوت الكبير بين حجم الإمدادات والقيمة السوقية كان من بين الدوافع الرئيسية لتعليق التصدير.

التأثير على السوق العالمية

من المتوقع أن يؤدي قرار أبوجا إلى اضطراب سلاسل التوريد العالمية لمنتجات الشيا. شركات كبرى في أوروبا وأمريكا قد تواجه تحديات في تأمين المواد الخام، مما قد يرفع الأسعار على المدى القصير.

لكن في المقابل، هذا التعليق قد يفتح الباب أمام ولادة صناعة تحويلية قوية داخل نيجيريا، تسمح لها بالانتقال من مجرد مصدّر للمواد الخام إلى لاعب رئيسي في سوق منتجات الشيا المجهزة.

الرهانات الإفريقية

الخطوة النيجيرية تتماشى مع توجه إفريقي أوسع، حيث تسعى العديد من الدول إلى التحرر من التبعية الاقتصادية عبر تعزيز التصنيع المحلي. فالقارة الغنية بالمواد الأولية لم تعد تقبل بلعب دور “المزرعة العالمية”، بل تريد أن تصبح مركزاً صناعياً وتجارياً بقدرة تنافسية عالية.

تصريحات رسمية

الرئيس تينوبو أكد أن هذا القرار ليس ضد الشركاء الدوليين، بل هو دعوة للاستثمار المباشر في نيجيريا. مضيفاً أن الدولة مستعدة لتقديم حوافز ضريبية وتشريعية لجذب المستثمرين لبناء مصانع تحويلية للشيا داخل البلاد.

المستقبل المتوقع

إذا نجحت نيجيريا في تحويل هذه الأزمة إلى فرصة، فإنها ستتمكن من:

  1. مضاعفة عائداتها من قطاع الشيا.
  2. خلق فرص عمل محلية في قطاع الصناعات الغذائية والتجميلية.
  3. تقوية موقعها التفاوضي داخل الأسواق العالمية.

قرار نيجيريا تعليق صادرات الشيا الخام ليس مجرد إجراء اقتصادي، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة في مسار القارة الإفريقية نحو استعادة السيطرة على مواردها الطبيعية.

ومع القيمة السوقية المتنامية لقطاع الشيا الذي يقدر بحوالي 6.5 مليار دولار، تبدو نيجيريا مصممة على أن تتحول من مجرد مورد خام إلى قوة تصنيعية إقليمية، مما سيعيد رسم خريطة التجارة العالمية للشيا خلال السنوات القادمة.

إرسال التعليق